في مايو 2025، يبدو أن إدارة دونالد ترامب، التي كانت تأمل في إحداث تحولات حاسمة في السياسة الدولية، تواجه سلسلة من الإخفاقات في ملفات شديدة الحساسية. من آسيا إلى الشرق الأوسط، تتعثر جهود ترامب في التعامل مع قضايا الصين، روسيا، إيران، وغزة، ما يثير تساؤلات حقيقية حول قدرة الولايات المتحدة على فرض رؤيتها في نظام عالمي متغير.
العلاقات الأمريكية الصينية: التوتر مستمر رغم المحاولات
منذ بداية ولايته الحالية، سعى ترامب لإعادة تشكيل العلاقة الأمريكية الصينية. وقد أعلن عن رغبته في التوصل إلى اتفاق تجاري وأمني جديد يضع حداً للحرب التجارية التي أنهكت اقتصاد البلدين. لكن رغم الاجتماعات رفيعة المستوى، لم تحقق المفاوضات أي اختراق يُذكر. الصين، التي تعزز تحالفاتها في آسيا وأفريقيا، تتعامل مع ترامب ببرود واضح، بل وتعتبر أن سياساته التصعيدية تعيد العلاقات إلى نقطة الصفر.
- الموقف الصيني من تايوان لا يزال يتصاعد، رغم تهديدات ترامب.
- الاتفاقيات التكنولوجية توقفت بسبب المخاوف من التجسس والهيمنة الرقمية.
- الرد الصيني الدبلوماسي أصبح أكثر صرامة، مع تعزيز العلاقات مع روسيا وإيران.
روسيا: اختبار جديد للقوة والنفوذ
روسيا، بقيادة فلاديمير بوتين، لم تكن أقل تحديًا. حاول ترامب كسر الجمود السياسي مع موسكو عبر مقترحات لتقاسم النفوذ في أوروبا الشرقية والشرق الأوسط. لكن روسيا ردت بمزيد من التحركات الاستفزازية:
- زيادة الدعم الروسي للانفصاليين في أوكرانيا.
- مناورات عسكرية قرب حدود الناتو.
- توثيق التعاون مع الصين وإيران كجبهة مضادة لواشنطن.
ترامب، الذي قدم نفسه كقائد لا يرضخ للضغوط، لم يتمكن حتى الآن من فرض أجندته على بوتين، وسط اتهامات داخلية بالتساهل مع موسكو.
إيران: لا اتفاق ولا تهدئة
الملف الإيراني لا يقل تعقيدًا. حاول ترامب إعادة طهران إلى طاولة المفاوضات من خلال تشديد العقوبات، مع وعود بحوافز اقتصادية. لكن إيران ردت بمزيد من التحدي:
- استمرار تخصيب اليورانيوم بوتيرة متسارعة.
- مناورات عسكرية في الخليج العربي.
- تصريحات عدائية ضد إسرائيل والولايات المتحدة.
النتيجة: لا اتفاق نووي جديد، ولا تهدئة إقليمية، ما يزيد من احتمالات التصعيد العسكري في أي لحظة.
غزة: نزيف إنساني ومأزق دبلوماسي
الأزمة في قطاع غزة تمثل فشلاً صارخًا في سياسات ترامب بالشرق الأوسط. ورغم وعوده بإطلاق “صفقة جديدة للسلام”، إلا أن الواقع يشير إلى تصعيد دموي ومعاناة إنسانية متفاقمة:
- الهجمات الإسرائيلية مستمرة مع آلاف الضحايا المدنيين.
- الوساطة الأمريكية مشلولة بعد فقدان الثقة بها من الأطراف الفلسطينية.
- المجتمع الدولي ينتقد صمت واشنطن ويطالب بتدخل فوري.
محاولات ترامب لإعادة إطلاق مبادرة سلام فشلت في ظل غياب شركاء دوليين ورفض فلسطيني واسع لأي دور أمريكي دون تغيير جوهري في الموقف.

سياسة خارجية في مأزق
إجمالاً، يظهر أن سياسة ترامب الخارجية في 2025 تعاني من فقدان الرؤية الاستراتيجية والتوازن بين الضغط والدبلوماسية. فشل في كبح جماح الصين، إخفاق في احتواء روسيا، تعثر في تقويض التهديد الإيراني، وعجز كامل في وقف المأساة في غزة.
لماذا يفشل ترامب؟
- الاعتماد المفرط على القوة والتهديدات.
- ضعف التحالفات التقليدية مثل الناتو والاتحاد الأوروبي.
- تضارب التصريحات بين البيت الأبيض ووزارة الخارجية.
- انشغال الإدارة بالقضايا الداخلية مثل الاقتصاد والتوترات الاجتماعية.
نظرة إلى المستقبل
مع اقتراب نهاية عام 2025، يتساءل كثيرون عما إذا كان ترامب قادرًا على إنقاذ صورته الدولية. فالدول الكبرى لم تعد ترضخ للضغوط الأمريكية كما في السابق، والتحولات الجيوسياسية تُفرز نظامًا عالميًا جديدًا لا تحتله واشنطن وحدها.
إذا استمرت هذه السياسات، فإن إدارة ترامب قد تواجه مزيدًا من العزلة والتحديات، ليس فقط على مستوى العلاقات الدولية، بل أيضًا في الداخل الأمريكي حيث يتزايد الغضب من فشل القيادة في إحداث أي تقدم ملموس على الساحة العالمية.
خاتمة:
فشل ترامب في إدارة ملفات الصين وروسيا وإيران وغزة يعكس عمق الأزمة التي تعانيها السياسة الخارجية الأمريكية. وربما يكون عام 2025 بداية نهاية الهيمنة الأمريكية إذا لم تُراجع واشنطن استراتيجياتها وتستعيد أدواتها الدبلوماسية التي طالما كانت سلاحها الأقوى.